كانت الحلويات على مر التاريخ عنصراً مهماً في تشكيل الذوق الثقافي والهوية الثقافية للمجتمعات. من العصور القديمة إلى العصر الحديث، ظهرت الحلويات كأطعمة تلبي الحاجة الغذائية وتحتل مكانة مهمة في الاحتفالات والطقوس. إليكم نظرة متعمقة على كيفية تفسير الثقافات المختلفة لهذه النكهات الفريدة عبر تاريخ الحلويات.
تاريخ الحلويات: الخطوات الأولى للحلويات في العصور القديمة
بدأ ظهور الحلويات على المسرح التاريخي مع زراعة قصب السكر وجمع العسل. في حضارات بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة، كان العسل هو المكون الأساسي المستخدم كتحلية. ومن المعروف أن المصريين كانوا يصنعون حلوى شبيهة بالخبز تحتوي على الفواكه المجففة والعسل. أما في اليونان القديمة، فكانت الحلوى المعروفة باسم “ميليتوتا”، والتي تعتمد على العسل، من الأطعمة المقدسة المقدمة للآلهة.
أصبح انتشار الحلويات أكثر شيوعاً مع تقديم السكر إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط وآسيا. في تلك الفترة، كان إنتاج السكر ونقله صعبًا، مما جعله منتجًا فاخرًا يستهدف فقط الطبقات الثرية.

تاريخ الحلويات: رحلة الحضارات مع الحلويات
تاريخ البقلاوة: من المطبخ العثماني إلى نكهة عالمية
البقلاوة تُعتبر في جميع أنحاء العالم واحدة من روائع المطبخ العثماني. لكن أصولها تعود إلى عصور ما قبل العثمانيين. وفقًا لبعض المؤرخين، ظهرت النسخ الأولى من البقلاوة في الإمبراطورية الآشورية. كانت تُصنع عن طريق وضع العسل والجوز بين طبقات من العجين، وتطورت مع مرور الوقت في المطبخ العثماني لتصبح أكثر دقة وتفنناً.
في المطبخ العثماني، كانت البقلاوة تُعد بتقنيات خاصة وتُقدم في عروض مثل “موكب البقلاوة”. في القرن السابع عشر، أشار الرحالة العثماني أوليا جلبي إلى البقلاوة في كتابه “سياحت نامه”، حيث لفت الانتباه إلى شعبية هذا الطبق بين أفراد القصر وعامة الناس.
اليوم، تُستهلك البقلاوة في تركيا، وكذلك في اليونان ودول الشرق الأوسط والبلقان. في عام 2013، سجلت اليونسكو بقلاوة غازي عنتاب كتراث ثقافي غير مادي خاص بتركيا.
تاريخ الجلاش: الحلوى الخفيفة رمز رمضان
منتج آخر بارز من المطبخ العثماني هو الجلاش، المعروف كحلوى لا غنى عنها على موائد رمضان. المكونات الرئيسية للجلاش هي ماء الورد، ورق النشا، والحليب. يعود أصل الجلاش إلى آسيا الوسطى، حيث كان يُعرف باسم “خبز النشا”.
في العصر العثماني، تم دمج ماء الورد والحليب مع هذه الحلوى، مما أعطاها الشكل الذي نعرفه اليوم. في القرن الخامس عشر، كان الجلاش يُحضر خصيصًا في المطبخ السلطاني، وأصبح من فئة “الحلويات الخفيفة” التي تبناها العامة أيضًا. أشار أوليا جلبي في كتابه إلى أن الجلاش كان محبوبًا جدًا في الأراضي العثمانية.
حاليًا، يمثل استهلاك الجلاش في تركيا خلال شهر رمضان ما يصل إلى 30٪ من إجمالي استهلاك الحلويات. ويعتبر من أخف الخيارات وأكثرها صحة بين الحلويات القائمة على الحليب، ويحظى باهتمام كبير في المعارض الدولية للحلويات.
البعد الاجتماعي والاقتصادي للحلويات
الحلويات ليست مجرد عنصر للنكهة، ولكن لها أيضًا بُعد اجتماعي واقتصادي. في العصر العثماني، كانت الحلويات مثل البقلاوة والجلاش تُقدم كرمز للوضع الاجتماعي والثروة في القصر. اليوم، أصبحت هذه الحلويات جزءًا مهمًا من صادرات تركيا.
اعتبارًا من عام 2024، تجاوزت صادرات تركيا من البقلاوة 600 مليون دولار، بينما أصبح الجلاش أيضًا من بين الفئات التي تشهد نموًا في الصادرات. تلعب تسجيلات اليونسكو والمهرجانات الوطنية دورًا مهمًا في الترويج الدولي للحلويات.
بالنظر إلى أن الحلويات كانت تحمل معنى ثقافيًا واقتصاديًا عبر التاريخ، يمكن القول إنها أصبحت إرثًا مشتركًا للحضارات. وستظل الحلويات مثل البقلاوة والجلاش تُستهلك عبر الأجيال، مما يربط بين ماضيها وحاضرها.
1. إلى أي عصر يعود تاريخ الحلويات؟ تعود أصول الحلويات إلى العصور القديمة، حيث بدأ استخدام العسل والسكر لأول مرة في حضارات بلاد ما بين النهرين ومصر.
2. في أي بلد ظهرت البقلاوة؟ يعود أصل البقلاوة إلى الحضارة الآشورية، ولكن الشكل الذي نعرفه اليوم تم تطويره في المطبخ العثماني.
3. لماذا يُعتبر الجلاش شائعًا في رمضان؟ لأنه حلوى خفيفة ومنعشة، مما يجعلها اختيارًا مثاليًا للاستهلاك بعد الإفطار في رمضان.
4. هل البقلاوة حلوى تركية معتمدة؟ نعم، تم تسجيل بقلاوة غازي عنتاب في عام 2013 كتراث ثقافي غير مادي لتركيا من قبل اليونسكو.
5. ما هو موقف تركيا في تصدير الحلويات؟ تُعتبر تركيا واحدة من الدول الرائدة عالميًا في تصدير البقلاوة، حيث حققت عائدات تجاوزت 600 مليون دولار في عام 2024.
المراجع
- البان، أ.، غوليتش، هـ.، تشولاك أوغلو، ف.، & كارابييك، ش. ن. (2019). الم approaches to introducing Ottoman fruit baklava into gastronomy. مجلة السياحة الأكاديمية, 6(2), 43-58.
- كوتشوك، م. (2017). كلمة من الثقافة الغذائية التركية: الجلاش. مجلة كلية اللغات والتاريخ والجغرافيا بجامعة أنقرة, 57(2), 1163-1179.
- إيشين، ب. م. (2008).جولبيشيكر: تاريخ الحلويات التركية. Kitap Yayınevi.
- بكان، ر. (2020). تقييم وتجديد الحلويات المعتمدة على الحليب في المطبخ التركي. أطروحة ماجستير, جامعة باموكالي.
- يراسيموس، س. (2002).موائد السلاطين: المطبخ العثماني في القرن الخامس عشر والسادس عشر. Yapı Kredi Yayınları.